علامات الطهر من الحيض

تُعدّ فترة الحيض من الفترات التي تلتزم بها المرأة بالتفرقة بين الطهر والنفاس، حيث يمثل الطهر مرحلة الانتهاء من الدم الحيضي، وهي من الأمور التي حددتها الشريعة الإسلامية بدقة، لضمان صحة الطهارة والعبادات الشرعية التي تقوم عليها الصلاة والطهارات الأخرى. يتطلب فهم علامات الطهر من الحيض معرفة دلالات انتهاء دم الحيض، والتمييز بين دم الحيض ودم النفاس أو الاستحاضة، بالإضافة إلى معرفة الأحكام الفقهية المتعلقة بهذه الحالة.

في هذا المقال سنستعرض بالتفصيل علامات الطهر من الحيض من الناحية الفقهية والطبية، مع توضيح كيفية التمييز بين الحيض والدم الذي قد يأتي بعده، وكذلك أهم القواعد المتعلقة بهذه المرحلة التي تمثل بداية الطهارة والاغتسال الشرعي. كما سنقدم شرحًا علميًا يساعد على فهم هذه الظاهرة الطبيعية التي تمر بها النساء، مما يساهم في تطبيق الشريعة على نحو صحيح ويضمن صحة الطهارة والعبادات.

تعريف الطهر من الحيض

الطهر من الحيض هو حالة ينقطع فيها دم الحيض، وينتهي بذلك وقت الحيض الشرعي، ويبدأ وقت الطهارة الذي يمكن للمرأة خلاله أداء العبادات التي تستلزم الطهارة، كالصلاة والصوم. ويكون هذا الطهر بعد فترة من نزول الدم الذي يعد علامة على الحيض، وهو دم محدد شرعًا وصفاته معروفة، ويميزه الفقهاء عن دم غيره كالاستحاضة أو النفاس.

الطهر يعني أن الدم الحيض قد انقطع وانتهى، وأن الجسم أصبح في حالة تسمح بإتمام العبادات التي كانت محرمة أثناء الحيض، حيث حرّم الإسلام على المرأة الصلاة والصوم والجماع أثناء الحيض، وسمح بها بعد الطهر.

علامات الطهر من الحيض في الفقه الإسلامي

1. انقطاع الدم الحيضي

أول علامة واضحة للطهر هي انقطاع الدم الذي كان ينزل خلال فترة الحيض. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الحيض سنتان من سنن الله تعالى، فاذا رأت المرأة الدم فليمتنع من الصلاة والصيام، فإذا طهرن فليصلين ويصمن» (رواه البخاري ومسلم). وهذا يدل على أن توقف الدم الحيضي هو أول علامة للطهارة.

ويكون انقطاع الدم نهائيًا بعد مرور فترة الحيض الشرعية التي تختلف من امرأة لأخرى، ويُحددها الفقهاء عادة بأنها لا تزيد على 15 يومًا كحد أقصى.

2. ظهور علامات الطهر الظاهرة

بعد انقطاع الدم، تبدأ المرأة بملاحظة علامات معينة تشير إلى طهرها. من هذه العلامات:

• جفاف منطقة الفرج من الدم والدموع، حيث لا تلاحظ المرأة نزول أي دم.

• ظهور إفرازات بيضاء أو شفافة، وهي علامة على الطهر والخصوبة الطبيعية.

• شعور المرأة بأن دم الحيض قد توقف تمامًا، ولا تشعر بأي ألم أو ثقل يشير إلى استمرار النزف.

3. نظافة الفرج

بعد انقطاع دم الحيض، تشعر المرأة بنظافة واضحة في منطقة الفرج، ولا يوجد أي أثر للدم، وهذا دليل على الطهر.

4. زوال آلام الحيض

أحيانًا ترافق فترة الحيض آلام في أسفل البطن والظهر، فإذا شعرت المرأة بزوال هذه الآلام، فهذا مؤشر مهم على انتهاء فترة الحيض وبدء الطهر.

العلامات الطبية والعلمية للطهر من الحيض

من الناحية الطبية، يتميز الطهر بعدة عوامل فسيولوجية يمكن ملاحظتها أو قياسها، وهي مرتبطة بدورة الطمث والهرمونات:

1. توقف نزيف الدم

فسيولوجيًا، ينقطع النزيف عندما تنخفض هرمونات البروجسترون والاستروجين بعد نهاية مرحلة النزف التي تحدث في فترة الحيض. هذا يؤدي إلى تجدد بطانة الرحم وبدء فترة جديدة.

2. تغير في الإفرازات المهبلية

بعد انقطاع الدم، تتغير الإفرازات المهبلية إلى سائل أبيض أو شفاف، وهذا ناتج عن تأثير هرمونات الخصوبة في الجسم.

3. عودة توازن الحموضة المهبلية

بعد فترة الحيض، يعود توازن الحموضة المهبلية إلى وضعها الطبيعي، مما يحافظ على صحة المهبل ويقلل من فرص الإصابة بالعدوى.

4. تغيرات في درجة حرارة الجسم القاعدية

تلاحظ بعض النساء تغيرًا في درجة حرارة الجسم القاعدية بعد الطهر، وهو ما يرتبط بدورة التبويض التي تلي فترة الحيض.

الفروق بين دم الحيض ودم الاستحاضة والنفاس

لضمان معرفة علامات الطهر بدقة، يجب التمييز بين دم الحيض والدم الذي قد ينزل في حالات أخرى:

هذه الجداول تساعد المرأة على تحديد حالتها، وبناءً على ذلك تُحدد ما إذا كانت في حالة طهارة أو تحتاج إلى اغتسال.

كيفية التأكد من الطهر عمليًا

لتأكيد الطهر، ينصح باتباع الخطوات التالية:

• التوقف عن ملاحظة نزول الدم لمدة لا تقل عن نصف ساعة.

• التأكد من نظافة الفرج باستخدام الماء والمناديل النظيفة.

• الاغتسال الكامل (الغُسل) بعد انقطاع الدم، وهذا شرط أساسي لاستكمال الطهارة الشرعية.

• الاستناد إلى مدة الحيض المعتادة عند المرأة، والتي تساعد في تحديد وقت الطهر بدقة.

أحكام الاغتسال بعد الطهر

يغتسل المرأة من الحيض فور التأكد من الطهر، وقيام الغسل واجب لتصح الصلاة والصوم. وفضل الغسل يشير إليه الحديث النبوي: «الطهور شطر الإيمان»، وهذا يدل على أهمية الطهارة الجسدية في الإسلام.

طريقة الاغتسال تشمل:

• غسل اليدين ثلاث مرات.

• غسل الفرج جيدًا.

• غسل كامل الجسم بالماء الطهور.

• الاستحمام بنية الطهارة.

بعد ذلك تصبح المرأة طاهرة ومستعدة لأداء العبادات.

الخلاصة

علامات الطهر من الحيض تتنوع بين العلامات الفقهية والشرعية، والعلامات الطبية التي تظهر على جسم المرأة. الطهر يتمثل في انقطاع الدم الحيض، نظافة الفرج، ظهور الإفرازات البيضاء، وزوال آلام الحيض، إضافة إلى التغيرات الهرمونية التي تؤكد انتهاء هذه المرحلة. المعرفة الدقيقة بهذه العلامات تساعد المرأة على أداء عباداتها بشكل صحيح وفقًا لما أمر به الإسلام.

تحديد الطهر من الحيض بدقة من الأمور الجوهرية التي تضمن صحة الطهارة المطلوبة في الصلاة والصوم وغيرها من العبادات. فهم هذه العلامات بوعي، والالتزام بالأحكام الشرعية الخاصة بها، هو من أبرز سبل تحقيق الالتزام الديني والراحة النفسية أثناء هذه الفترات.

المراجع

1. عبد العزيز بن باز، “الفقه الإسلامي وأدلته”، دار التوحيد، الطبعة الثانية.

2. محمد فوزي حسن، “الطهارة في الإسلام”، دار المعرفة.